الخطيئة الأصليةالصلب والفداءالعقيدة الإسلاميةنصرانياتوقائع تاريخية

إذا كان الله قد غفر لآدم، لماذا لم يعده إلى الجنة؟

بسم الله الرحمن الحيم

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله، وبعد:

يعترض النصارى -ومن وافقهم في الطعن بالإسلام- على حادثة عصيان أبينا آدم لله عز وجل بأكله مما حرَّم الله عليه، وآدم عليه الصلاة والسلام هو أبو البشر ومن مادَّة البشر فهو يُصيب ويُخطىء وينسى ويغفل وممكن أن يصدق بالباطل إن عُرضَ له بطريقة ملتوية.

وكما قال الرسول [1]: إنَّما أنا بَشَرٌ وإنَّكُمْ تَخْتَصِمُونَ إلَيَّ، ولَعَلَّ بَعْضَكُمْ أنْ يَكونَ ألْحَنَ بحُجَّتِهِ مِن بَعْضٍ، فأقْضِي علَى نَحْوِ ما أسْمَعُ، فمَن قَضَيْتُ له مِن حَقِّ أخِيهِ شيئًا، فلا يَأْخُذْهُ فإنَّما أقْطَعُ له قِطْعَةً مِنَ النَّارِ.

والله عزَّ وجلَّ أسكن آدم وحواء الجنة وأباح لهم جميع الطيبات إلا الأكل من شجرة معيَّنة حرمها عليهم ابتلاءً وامتحاناً منه سبحانه لهما، ولتكون سنة الله في خلقه الذين لم يخلقهم إلا لعبادته .

وكان قد حذرَّهم من إبليس اللعين وأنه سوف يخرجهما من الجنة لعيظه من آدم إذ كان قد تكبر عن السجود لآدم وفق قياسه الفاسد بأه خير منه!

حيث قال تعالى حكاية عنه: قَالَ أَنَا خَيْرٌ مِنْهُ خَلَقْتَنِي مِنْ نَارٍ وَخَلَقْتَهُ مِنْ طِينٍ [الأعراف: 12]

لذلك فإبليس اللعين حاول بشتَّى الطُرُق إغواء أبوينا، فأغراهم فلم يفلح فاتخذ حيلة خبيثة مستغلاً شدة إيمان آدم بالله عز وجلَّ فأقسم له بالله أنه ناصحٌ له ولزوجه، فما كان من آدم بطيبة قلبه إلا أن غفل عن أمر الله فصدقه فيما يقول وعصى آدم ربه فغوى.

قال تعالى: وَقَاسَمَهُمَا إِنِّي لَكُمَا لَمِنَ النَّاصِحِينَ [الأعراف: 21].

فمضى حكم الله فيهما فأخرجهما إلى الأرض التي خلقهما لها.

بيد أن آدم عليه الصلاة والسلام سرعات ما تدارك الخطأ وأعلن التوبة والندم لله عز وجل فما كان من الرحمن الرحيم إلا أن غفر له ذلته: ثُمَّ اجْتَبَاهُ رَبُّهُ فَتَابَ عَلَيْهِ وَهَدَىٰ [طه: 122].

ولكن ومع مغفرة الله لآدم لم يرجعه إلى الجنة التي كان فيها قبل الخطيئة وهنا مكمن اعتراض النصارى.

فهم يفترضون أن التوبة تستلزم الرجوع، وقد قام أحدهم بمغالطة فقال: السجين إن حكمت عليه المحكمة بالبراءة فسوف تُطلِق سراحه إذ لا معنى للحكم إن بقي في السجن! لذلك، فطالما الله غفر لآدم ولم يعده للجنة فإنه ليس للمغفرة أي اعتبار! وبما أننا لسنا في الجنة إذا لم يغفر الله لآدم !

وهذه المغالطة مبنية على مقدمة ونتيجة:

أما المقدمة: فهي أن المغفرة والتوبة تستلزم الإرجاع إلى الجنة،

وأما النتيجة: فهي أن عدم الرجوع يعني عدم حصول المغفرة.

وقد دلل بمثال على المقدمة بذكر السجين والحاكم، ولكن هذا المثل لا ينطبق على قصة آدم عليه الصلاة والسلام، لأنَّه هناك فرق بين المسامحة والمغفرة والحكم بالبراءة.

فالحكم بالبراءة يستلزم إطلاق السراح لأن الحبس وُجد لوجود الإدانة وطالما انتفت الادانة صار الحبس ظلماً.

أما التوبة والمسامة لا تستلزم إخراج السجين من سجنه، فقد تسامحه وتغفر له مع بقائه في السجن، كما أنه قد يخرج من السجن بكفالة أو بنهاية العقاب وأنت ما تزال حاقدًا عليه!

فالعقاب شيء والمسامحة شيء آخر

إذًا، فإعادة آدم للجنة ليست واجبة مع التوبة إلا إذا نُصَّ على ذلك، فممكن أن يسامحه على زلته التي بدرت منه ولا يعيده للجنة.

ومن هنا وجد العقاب على الفعل والغضب على الفاعل، والمغفرة إزالت الثاني لا الأول، وممكن تزيل الأول إذا نص على ذلك أو أراد  الله عز وجل ذلك.

ثانيا: لا قياس بين المثال المطروح والحادثة الإسلامية.

وذلك لتباين أحداثها، ففي الإسلام: الأساس هو أن آدم خلق للأرض وما الحياة في الجنة إلا مرحلة طارئة عاشها لتكتمل سنة الله في خلقه من الابتلاء والامتحان وعداوة ابليس وكيف يكون سببا للشقاء والبعد عن الله وغيرها من السنن.

أما في المثال المذكور فإن الحرية أو اطلاق السراء هو الأساس والحبس كان طارىءً.

فكيف يُقاس ما هو طارىء على ما هو أساس! فالجنة طارئة والأرض أساس والحرية الأساس والسجن طارىء، فإذا كان حكم البراءة يلغي الطارىء وهو الحبس فإن التوبة لا تثبت الطارىء وهو الجنة!

لو كانت الجنة هي الأساس والله أخرجهم كعقاب على فعلتهم ثم تاب عليه لقلنا قد يعيده للجنة كما أن الحرية هي الأساس والمتهم انحبس على فعلته التي اتهم بها ثم تبينت براءته فأخرجه من السجن، لكن القصة الإسلامية على نقيض ذلك.

بل المثال الذي طرحه النصارى ينطبق على اعتقادهم هم فدليلهم المذكور ينقلب عليهم لأنهم يعتقدون أن ادم خلق ليحيا في الجنة للأبد، فالطرد كان طارىءً.

ومن هنا خلصوا إلى أن عدم العودة إلى الجنة يعني انتفاء المغفرة!

وهذا في الحقيقة ينتبق على اعتقادهم تمام المطابقة، فإذا قلنا أن التوبة لا توجب الرجوع إلى الجنة، فإن حمل الخطيئة عن آدم وعن البشرية يستلزم ذلك، فالخطيئة قد رُفعت واللعنة قد أزيلت، والنتيجة؟ بقي كل شيء كما كان!


1 صحيح البخاري (7169)، صحيح مسلم (1713).

الوسوم

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *


 حاتم للمقاولات العامة   تركيب ساندوتش بانل   أفضل شركة كشف تسربات المياه بالرياض   كشف تسربات المياه بدون تكسير   شركة تأجير معدات   تأجير معدات وباسكت في مكة   شركة تنظيف واجهات الزجاج بالمملكة   شركة تنظيف واجهات في المدينة   شركة تنظيف واجهات في مكة   شركة تنظيف واجهات في الطائف   شركة تنظيف واجهات في جدة 
 yalla live   كشف تسربات المياه بدون تكسير   عزل حراري للأسطح بالرياض   yalla live   يلا شووت   Yalla Shoot   koora live   yalla shoot   يلا شوت   yalla shoot   سوريا لايف 
 اشتراك hulk iptv   خدمات عزل الأسطح بالرياض   شركات عزل فوم بالرياض   تخزين اثاث بالرياض   شركة تخزين اثاث   تخزين عفش بالرياض   شراء اثاث مستعمل بالرياض   شركة عزل فوم بالرياض   شركة عزل اسطح بالرياض   شركة عزل شينكو بالرياض   شركة عزل خزانات بالرياض   شركة كشف تسربات المياه 
 شركة تصميم مواقع   Online Quran Classes 
 Online Quran Classes   دعاء القنوت   شركة تنظيف فلل بجدة   شركة تنظيف المنازل بجدة   شركة رش مبيدات بجدة   شركة تنظيف بجدة 
 شركة مقاولات   تصاميم حدائق   شركة تنظيف اثاث بالرياض   كشف تسربات المياه مجانا   لحام خزانات فيبر جلاس بالرياض   شركة تخزين عفش بالرياض   برنامج ارسال رسائل الواتساب   شركة تسليك مجاري بالرياض   كشف تسربات المياه بالخرج   اشتراك كاسبر   تحميل سناب شات بلس   متابعين سناب 1k   نشر السناب   شركة رش مبيدات بالرياض   شركة رش حشرات المنزل بالرياض   شدات ببجي   شدات ببجي اقساط   شدات ببجي   شدات ببجي تابي   شدات ببجي اقساط   شدات ببجي اقساط   شدات ببجي اقساط   شدات ببجي   شدات ببجي تابي   مجوهرات يلا لودو   شحن يلا لودو   ايتونز امريكي   بطاقات ايتونز امريكي   شدات ببجي تمارا   شدات ببجي اقساط 
 شركة تنظيف افران   صيانة غسالات الدمام   صيانة غسالات ال جي   صيانة غسالات بمكة   شركة صيانة غسالات الرياض   صيانة غسالات سامسونج   تصليح غسالات اتوماتيك   شركة مكافحة حشرات   شركة عزل خزانات بجدة   دكتور جراحة مخ وأعصاب في القاهرة 
 نقل عفش الكويت  مظلات وسواتر   تركيب مظلات سيارات في الرياض   تركيب مظلات في الرياض   مظلات وسواتر 
إغلاق