سنن نبوية
راتبة الفجر فضلها ووقتها وعدد ركعاتها
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمدلله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أجمعين، أما بعد:
الحرص على اتباع سنن النبي صلى الله عليه وسلم دليل على محبته واتباعه، بل هي دليل على محبة الله تعالى، قال تعالى: قُلْ إِنْ كُنْتُمْ تُحِبُّونَ اللَّهَ فَاتَّبِعُونِي يُحْبِبْكُمُ اللَّهُ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ [آل عمران: 31]، وكما تتفاضل الواجبات المحتَّمات على كل مسلم، كذلك تتفاضل السنن التي جاء بها النبي صلى الله عليه وسلم، ومن تلك السنن سنة الفجر وهي من صلوات الرواتب.
قال النبي صلى الله عليه وسلم[1]: مَنْ صَلَّى اثْنَتَيْ عَشْرَةَ رَكْعَةً فِي يَوْمٍ وَلَيْلَةٍ بُنِيَ لَهُ بِهِنَّ بَيْتٌ فِي الْجَنَّةِ.
عظمتها وفضلها
عن عائشة رضي الله عنها عن النبي صلى الله عليه وسلم قال[2]: رَكْعَتَا الفَجْرِ خَيْرٌ مِنَ الدُّنْيَا وَما فِيهَا.
وقتها
قالت عائشة رضي الله عنها [3]: كانَ رَسولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عليه وسلَّمَ يُصَلِّي رَكْعَتَيِ الفَجْرِ إذَا سَمِعَ الأذَانَ، وَيُخَفِّفُهُمَا. [وفي رواية]: وفي حَديثِ أَبِي أُسَامَةَ: إذَا طَلَعَ الفَجْرُ.
شدة الحرص عليها
فعن عائشة رضي الله عنها[4]: ما رَأَيْتُ رَسولَ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عليه وسلَّمَ في شيءٍ مِنَ النَّوَافِلِ أَسْرَعَ منه إلى الرَّكْعَتَيْنِ قَبْلَ الفَجْرِ.
وقالت رضي الله عنها ولم يكن يدعهما أبداً وقالت أيضًا [5]: لَمْ يَكُنِ النبيُّ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ علَى شيءٍ مِنَ النَّوَافِلِ أشَدَّ منه تَعَاهُدًا علَى رَكْعَتَيِ الفَجْرِ.
لا يدعهما حضرًا ولا سفرًا
ومن ذلك أنه لم يكن يدعها لا في الحضر ولا في السفر مع أنَّه صلى الله عليه وسلم خفف في السفر من صلاة الفرض!
وجاء عن ابن عمر رضي الله عنه قوله [6]: لو كُنْتُ مُسَبِّحًا لأَتْمَمْتُ صَلَاتِي.
قال ابن القيم رحمه الله [7]: وَهَذَا مِنْ فِقْهِهِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، فَإِنَّ اللَّهَ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى خَفَّفَ عَنِ الْمُسَافِرِ فِي الرُّبَاعِيَّةِ شَطْرَهَا، فَلَوْ شُرِعَ لَهُ الرَّكْعَتَانِ قَبْلَهَا أَوْ بَعْدَهَا، لَكَانَ الْإِتْمَامُ أَوْلَى بِهِ.
الوصية بهما
قال أبو هريرة رضي الله عنه[8]: أَوْصَانِي خَلِيلِي صَلَّى اللَّهُ عليه وسلَّمَ بثَلَاثٍ: بصِيَامِ ثَلَاثَةِ أَيَّامٍ مِن كُلِّ شَهْرٍ، وَرَكْعَتَيِ الضُّحَى، وَأَنْ أُوتِرَ قَبْلَ أَنْ أَرْقُدَ.
ركعتين خفيفتين
السُّنَّة أن يصلي المسلم راتبة الفجر ركعتين خفيفتين، فعن عائشة رضي الله عنها قالت[9]: كانَ النبيُّ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ يُخَفِّفُ الرَّكْعَتَيْنِ اللَّتَيْنِ قَبْلَ صَلَاةِ الصُّبْحِ حتَّى إنِّي لَأَقُولُ: هلْ قَرَأَ بأُمِّ الكِتَابِ؟
ما يُقرأ فيهما
كان من هديه صلى الله عليه وسلم أنه يقرأ فيهما “قُلْ يَا أَيُّهَا الْكَافِرُونَ”، و “قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ” لحديث أبي هريرة رضي الله عنه[10]: أنَّ رَسولَ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عليه وسلَّمَ قَرَأَ في رَكْعَتَيِ الفَجْرِ: {قُلْ يا أَيُّهَا الكَافِرُونَ} [الكافرون:1]، وَ{قُلْ هو اللَّهُ أَحَدٌ}[الإخلاص:1].
ولعل السبب في ذلك افتتاح يومه بالاعتراف بالتوحيد لله تعالى فسورة الكافرون فيها توحيد الألوهية والبراءة من الشرك، وسورة الإخلاص فيها توحيد الربوبية والأسماء والصفات.
قال شيخ الإسلام في رسالته التدمرية[11]: وهذا يتضمن التوحيد في عبادته وحده لا شريك له، وهو التوحيد في القصد والإرادة والعمل، والأول يتضمن التوحيد في العلم والقول، كما دلت على ذلك سورة (قل هو الله أحد)، ودلت على الآخر سورة (قل يا أيها الكافرون) وهما سورتا الإخلاص، وبهما كان يقرأ صلى الله عليه وسلم بعد الفاتحة في ركعتي الفجر وركعتي الطواف وغير ذلك.
قضائها
يُشرع لمن فاتته سنة الفجر أن يصليها بعد صلاة الصبح وقبل أن تطلع الشمس لأنها ليست نافلة مطلقة بل هي من ذوات الأسباب، والأفضل أن يصليها بعد شروق الشمس ليخرج من الخلاف.
يقول الشيخ ابن العثيمين رحمه الله [12]: فإن أدركتها قبل صلاة الفجر فهذا هو المطلوب وإن دخلت والإمام قد شرع في صلاة الفجر فاقضها بعد الصلاة أو أخرها حتى ترتفع الشمس قيد رمح هذه هي السنن الرواتب التابعة للمكتوبات.
اضغط للاشتراك في تطبيقنا على الفيس بوك لتصلك أجدد مواضييعنا برسالة خاصة
1 صحيح مسلم (728).
2 صحيح مسلم (725).
3 صحيح مسلم (724)
4 صحيح مسلم (724).
5 صحيح البخاري (1169).
6 صحيح مسلم (689)، (694).
7 زاد المعاد في هدي خير العباد: محمد بن أبي بكر بن أيوب بن سعد شمس الدين ابن قيم الجوزية (المتوفى: 751هـ)، الناشر: مؤسسة الرسالة، بيروت – مكتبة المنار الإسلامية، الكويت الطبعة: السابعة والعشرون، 1415هـ /1994م، عدد الأجزاء: 5، جـ1 صـ 305- 306.
8 صحيح مسلم (721).
9 صحيح البخاري (1171)، صحيح مسلم (724).
10 صحيح مسلم (726).
11 التدمرية: تحقيق الإثبات للأسماء والصفات وحقيقة الجمع بين القدر والشرع: تقي الدين أبو العباس أحمد بن عبد الحليم بن عبد السلام بن عبد الله بن أبي القاسم بن محمد ابن تيمية الحراني الحنبلي الدمشقي (المتوفى: 728هـ)، تحقيق: د. محمد بن عودة السعوي، الناشر: مكتبة العبيكان – الرياض، الطبعة: السادسة 1421هـ / 2000م، عدد الصفحات: 241، صـ 5.
12 فتاوى نور على الدرب: محمد بن صالح العثيمين (المتوفى: 1421هـ) الشريط رقم [286]، ومن الكتاب جـ 8 صـ 2