أيها الإخوة إن لفظة “مكروه” ولفظة “مندوب” وكذلك “سنة” و “مستحب“ ألفاظ لها تعريف عند العلماء، فهي من المصطلحات أي الألفاظ التي اتفق العلماء على معنى خاص بها.
• فيقولون المكروه ويُراد به ما ما نهى عنه الشارع نهيًا غير جازم.
مثال: فلان قال لي ما رأيك لو فعلت كذا؟
قلت له: أنا شخصياً لا أحب هذا الفعل ولا تفعله ولكن إن فعلته فلا ألومك
ورتب عليه الشارع الأجر في تركه وعدم العقاب على فعله.
• وأما المندوب فهو ما أمر به الشارع أمرًا غير جازم
مثال: لو قلت للعامل لدي: لو أتيت الغد باكراً إلى العمل لكان عملاً جيدا.
ورتب الشارع الثواب على فعله وعدم العقاب على تركه.
ولكن كما هي سُنَّة البشر أن من تهاون بالمندوبات أوشك ذلك على التهاون في الواجبات ومن تهاون في المكروهات أوشك ذلك على التهاون في المحرمات، لأن هذا الأمر من مداخل الشيطان.
والآن لندخل بصلب الموضوع، وبعد أن عرفنا معنى هذه المصطلحات، فيا أيها الإخوة الأكارم والأخوات الكريمات، من حبَّ الله عز وجل وسعى إلى مرضاته لم ينظر لحكم الفعل هل هو مندوب أو واجب، هل هو مكروه أم محرم، بل هو يسعى فوق اداء الواجبات إلى تحري المستحبات التي تزيد الحسنات لكي يفعلها، ويبحث عن المكروهات ليجتنبها أيضا لقصد أخذ الثواب بذلك.
وقد ذكر الإمام ابن القيم رحمه الله تعالى في كتابه مدارج السالكين على أن العبد يجب عليه دائما أن ينظر لنفسه على أنه مقصر في حق ربه عز وجل وذلك لكي يظل دائما مجتهداً في سبل الترقي الشرعية لمرضات رب البرية سبحانه وتعالى.
فإنه إن لم يشعر بذلك شعر بنقيضه وهو الشعور الذي يصيب المغتر بعمله فيظن أنه قد أقام ما عليه في حق الله عز وجل فيبدأ بالفتور شيئاً فشيئاً أو على الأقل لا يسعى للمضي قدما مخالفاً قوله تعالى: وَسَارِعُواْ إِلَى مَغْفِرَةٍ مِّن رَّبِّكُمْ وَجَنَّةٍ عَرْضُهَا السَّمَاوَاتُ وَالأَرْضُ أُعِدَّتْ لِلْمُتَّقِينَ [آل عمران : 133]
وأخيراً أدعكم لتتأملوا هذا الأثر الجميل فعن أنس رضي الله عنه وأرضاه قال: إنكم لتعملون أعمالًا هي أدق في أعينكم من الشعر، كنا نعدها على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم من الموبقات.
والموبقات: المهلكات
——–
أخرجه البخاري، كتاب الرقاق، باب ما يتقى من محقرات الذنوب (5/2381)، رقم: (6127).